بقلم : يسار محمد قاسم
الفكر
الانساني هو نتاج تجارب الاجيال السابقة التي وصلت إلينا عن طريق القراءة أو
السماع ، ويتعزز بأضافة تجارب الاجيال الحاضرة
إليه وبالحوار المولد للعمل
الجماعي ، ولكن هذا لايعني أن العقل هو المصدر الوحيد للوصول الى الحقيقة وإلا نكون قد حصرنا المعرفة
الانسانية بالمحسوسات ، بل هناك طريق آخرهو الوحي الالهي المتمثل بالرسالات
السماوية فهي التي أطلعتنا على الغيبيات التي عجز العقل عن الوصول إليها وحده
فأجابت على أسئلة حيرت الانسان منذ القدم وهي : ماهو أصل الانسان ؟ وهل الانسان
كائن عاقل وحيد في الكون أم أن هناك إله أزلي كامل الصفات أوجده ؟ وماهي صفات هذا
الخالق العظيم ؟ وماهو الطريق لأرضائه أو إسخاطه
؟ ولماذا تنتهي حياة الانسان ؟ وهل
هناك حياة بعد الموت أم لا ؟ وهل للكون نهاية ومتى؟ . .. أسئلة
تقع أجاباتها في عالم الغيب ، لهذا حيرت الانسان وتعددت تفسيرات الاديان
الوثنية في الاجابة ، أما الاديان
السماوية فقد إتفقت إجاباتهالأتفاق السراج
الذي صدرت منه وهو الله جل في علاه ، وجميع تلك الاسئلة كان للأجابة عليها جانبان
روحي ومادي مما يدلنا على أن الحياة لاتستقيم إلا بالموازنة بينهما ... ومع أن
إدراك الذات ثم المحيط الذي يعيش فيه الانسان هو قاعدة الانطلاق العلمي
السليم في الحياة، إلا أن العقل الانساني
محدود بالمحسوس من الموجودات التي عرفها او اكتشفها وعلى امثالها يقيس ، لذا فإن
الحكمة الالهية والرحمة الربانية شاءت أن تخرج الانسان من حيرته وأن تجيبه على كل
ما يشغل تفكيره ، وأن تنير طريق الحياة بنظام سماوي لأعمار الارض وتكرم العقل
الانساني بتخييره بين الاتباع والثواب وبين العصيان والعقاب ... فأصطفى الله رسلا
من خلقه أوحى إليهم أن يبلغوا شرعه للناس كي يكونوا مبشرين بالثواب للمؤمنين
ومنذرين بالعقاب للكافرين ، وشهداء على الناس ..
وكان الوحي
هو صيغة إبلاغ الانبياء والرسل بألارادة الالهية
، ليحملوها كأمانة يقومون بتبليغها لباقي البشر ...
ولكلمة الوحي
عدة معان في اللغة يقول الجوهري في الصحاح ج5 ص1999 :(( الوحي : الاشارة ،
والكتابة ، والرسالة ، والالهام ، والكلام الخفي ، وكل ما ألقيته الى غيرك ، يقال
وحيت إليه الكلام وأوحيت ، وهو أن تكلمه بكلام تخفيه ... ووحى وأوحى أيضا ، أي كتب
.. وأوحى الله الى أنبيائه ، أي اشار قال تعالى :( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة
وعشيا ) سورة مريم آية11 .))... إذن الوحي هو رسالة إلهية الى احد أنبيائه ليبلغها
لباقي البشر ، وجميع الكتب السماوية هي رسالات إلهية لأصلاح حال الانسانية،
وللوحي عدة أشكال منها : الرؤيا الصادقة ،
أو مايلقيه الملك جبريل عليه السلام في روع النبي صلى الله عليه وسلم أو قد يسمع
صوته من غير أن يراه ، أو أن يكون مجيئه كصلصلة الجرس ، أو قد يظهرالملك جبريل
عليه السلام على صورة رجل ، أو قد يكلم
الله النبي من وراء حجاب بلا واسطة كما كلم الله موسى عليه السلام ، وهناك أحاديث
نبوية تؤكد هذه الصيغ التي يتمثل بها الوحي .
ولازال بعض
المفكرين الغربيين يعتقدون أو يفهمون الوحي على أنه إلهام يحدث لأصحاب النفوس
الصافية نتيجة للعزلة والتأمل بالكون ، وليس رسالة سماوية من إله قدير سميع بصير،
فيقول الفيلسوف الشهير توماس كارليل في كتابه ( الابطال) ص85 : (( والقرآن لو
تبصرون ما هو إلا جمرات ذاكيات قذفت بها نفس رجل كبير النفس بعد أن أوقدتها
الافكار الطوال في الخلوات الصامتات وكانت الخواطر تتراكم عليه بأسرع من لمح البصر
وتتزاحم في صدره حتى لاتكاد تجد مخرجا ، وقل مانطق به في جانب ما كان يجيش بنفسه
العظيمة القوية ....)) .. على الرغم من أن توماس كارليل من أكثر الكتاب المنصفين
الذين تناولوا الاسلام كدين سماوي كالمسيحية واليهودية ، إلا أن فهمه للوحي كان خاطئا في صيغته التي
قدمها في كتابه ..
فالوحي
كان ملك نزل من السماء بأمر خالق الكون ،
وليس إلهام داخلي أو علم مكتسب بالرياضة الروحية او البحث العلمي كما إعتقد ذلك بعض علماء الغرب .. يقول الشيخ
محمد رشيد رضا في كتابه القيم ( الوحي المحمدي ) ص46 :(( الخلاف بيننا وبين هـــؤلاء ( يقصد علماء الغرب) في كون الوحي الشرعي من خارج
نفس النبي نازلا عليها من السماء كما نعتقد ، لامن داخلها فأئضا منها كما يظنون ،
وفي وجود ملك روحاني مستقل نزل من عند الله عليه صلى الله عليه وسلم ، كما قال عز
وجل :( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين
بلسان عربي مبين ) الشعراء آية192-195 .))
وإذا ماتأملنا
في الانسان وجدنا بأن هناك خصائص مهمة لازمته قديما وحديثا ، هيأته للأيمان بالوحي
الالهي وهي :
أولا : الفكر الانساني يتطلع نحو المطلق والغيب : وهذا
النزوع يجعل الفكر الانساني يتجاوز بتفكيره حدود العالم المحسوس الذي يعيش فيه ،
لذا فمن العبث ومن التحجيم للعقل البشري أن نحصره في نطاق المحسوسات المكتشفة كما
يريد ذلك أنصار المذهب الفلسفي الوضعي، فطريق الدين يختلف عن طريق الفلسفة ،
فالفلسفة تقوم على التجرد من اي أفكار أو معتقدات مسبقة وتعتمد على الشك في كل شيء
كوسيلة للوصول الى الحقيقة .. أما الدين فيعتمد بعد إقتناع الانسان العقلي والرضا
النفسي على الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره ، ويصدق كل ما
بلغوه الرسل من شرائع سواء ظهرت حكمتها واسبابها أم إستترت وغابت عنه ، قال تعالى
:( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما
قضيت ويسلموا تسليما ) سورة النساء - آية65...
فالدين حاكم لامحكوم ، متبوع لاتابع ، كما أن حضارتنا الاسلامية قامت دعائمها على اساس الوحي الالهي السماوي .
ثانيا : الحياة الانسانية لها جانبان روحي ومادي : وقد إستطاع العلم
الحديث أن يثبت إن الجانب النفسي والروحي في الانسان وثيق العلاقة بجانبه المادي
المتمثل بالجسد ، فقسوة الحياة وإبتذال قيمها الاخلاقية وتفكك المجتمع وأنعدام
الرحمة المتمثل في عقوق الوالدين ، جعلت أحد كبار الاطباء الماديي التفكير يقتنع
بتأثير الجانب الروحي الالهي في الحياة الانسانية ، ففي كتاب ( الله يتجلى في عصر
العلم ) لجون كلوفر مونسما ص134 ـ ص135 .. تحدث الدكتور بول أرنست أدولف عن حادثة
كان لها وقع كبير في نفسه ، ففي أحد الايام زارته إمرأة عجوز تشكو من كسر في ردفها
فقام بمعالجتها ولما تماثلت للشفاء وأثبتت الفحوصات حسن حالتها الصحية العامة ،
بدت هذه العجوز فرحة ، لأن إبنتها ستأتي لتأخذها ، ولكن عند زيارة إبنتها لها
أخبرتها بأنها غير مستعدة لأخذها الى البيت وستضعها في أحد ملاجيء المسنين (
العجزة ) مما تسبب لهذه الأم بأحباط نفسي شديد ، وبعد بضعة ساعات من مغادرة إبنتها
للمستشفى ، بدأت هذه الأم المسكينة
بألاحتضار الى أن اسلمت الروح الى بارئها
، يقول الدكتور بول إرنست عن هذا المرأة العجوز :( إنها لم تمت من كسر في
ردفها ، ولكنها ماتت من إنكسار في قلبها ) ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم .
ثالثا : النفس الانسانية تستجيب وتطمئن بالخضوع لأرادة
إلهية أزلية عليا : إن العلم ذو مقاصد
مبنية على المصلحة وإشباع الرغبات والشهوات ، وبما أنه مشاع لايختص به شعب أو
أفراد دون الاخرين ، لذا فلا سلطان للعلم على النفس البشرية، لأن كل إنسان يرى أن
بامكانه إفحام من هو أعلى منه علما حاضرا أو مستقبلا ، ولكنه يقبل الخضوع لقوى
غيبية قادرة على نفعه وهي ليست من جنسه ، لذا فسلطان الدين على النفوس أقوى من
سلطان العلم والمعرفة .. يروى أن الفيلسوف الرئيس إبن سينا كان متدينا وكان له
غلام غير مسلم معجب بفلسفته ويبالغ في
إحترامه وتقديره ، وفي أحد الايام سافر إبن سينا وخادمه الى مدينة أصفهان وفي وقت
السحر نادى إبن سينا على الغلام كي يهيء
له ماء الوضوء فلم يجبه لشدة البرد في ذلك اليوم ، ثم كرر عليه النداء عندما سمع
أذان المؤذن فأعتذر الغلام لبرودة الجو ، فاراد إبن سينا أن يفهم الغلام بأن سلطان
الدين على النفوس أكبر من سلطان العلم ، فقال له : ياغلام أنت خادمي وتحبني وتجلني
لعلمي ، ومع هذا لم تنفذ أمري لك بتهيئة
ماء الوضوء ، بينما هذا المؤذن هو فارسي مسلم يصعد الى المنارة وهي اشد الاماكن
برودة في المدينة ليؤذن ويدعو الناس الى الصلاة إمتثالا لأمر الله سبحانه بإقامة
الصلاة .
و من الفلاسفة
من أدرك أهمية الاعتقاد الجازم بمنهج للحياة ، فدعى الى دين عقلي مبتدع من قبله يقوم بدل الاديان السماوية والوثنية الموجودة
في العالم ومنهم الفيلسوف المعروف ( أوجست كونت ) حيث وجد أن التطور البشري خضع
لتطور المفاهيم الدينية فإعتقد بضرورة خلق ديانة ملائمة ، ديانة عقلية، ديانة
إنسانية ، وهو القائل :(( إذا اردنا مجتمع يسوده النظام من اجل التقدم فيجب أن
ننمي لديه ، والى أقصى حد ممكن (
ديانة ملائمة ) .... وهذه الديانة أين
نجدها ؟ ليس في الماضي ... إن البشر بحاجة الى ديانة عقلية جديدة ...))
حيث إعتقد
أوجست كونت بأن فلسفته الوضعية ستتخذ كدين إذا نجحت في إحلال إيمان علمي ( قابل
للبرهنة عليه ) محل إيمان غيبي (
متمثل بالمعتقدات غير القابلة للاثبات )
والتي عرفها الانسان عبر تاريخه الطويل منذ فجر الانسانية ، ففلسفته لاتقر بالدين
وترى أنه غير علمي لأنه لايخضع للملاحظة والتجربة ، وبالتالي فمذهبه الالحادي يدعو
فيه الى عبادة الانسانية ... والانسانية كما نعلم مفهوم عام لايصح أن يعتبر كمقياس
لأن مفاهيم الخير والشر والمنفعة والمضرة
نسبية عند البشر ، وهذا النوع من التفكير عبارة عن سفسطة فارغة لطروحات
سخيفة بعيدة عن عن الواقع .
ولا يعقل أن يصدق البشر كل من إدعى النبوة
بأنه مرسل من عند الله .. لذا أيد الله سبحانه أنبيائه بالمعجزات الخارقة لعادات
وأعراف البشر فيما خبروه وعرفوه ، فأرسل سيدنا موسى الى قوم فرعون الذي شاع في
زمانهم السحر وفنونه فأعجزهم ، وبعث سيدنا
عيسى الى قوم عرفوا بالطب فأحيا الموتى وأبرأ الاعمى والاصم بأذنه تعالى ، وبعث
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الى قوم عرفوا بالبلاغة والفصاحة فكان القران
الكريم معجزا لهم وقد تحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا وإنقلبوا صاغرين ،
قال تعالى :( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ) البقرة _
آية23..
وعلى الرغم من
وقوع معجزات خارقة على يد نبينا صلى الله عليه وسلم ذكرتها كتب السيرة منها :
إنشقاق القمر بأشارة منه ، ونبع الماء من بين أصابعه وتكثيره ببركته يوم الحديبية
، وتكثير الطعام ببركة دعائه يوم الخندق
حيث أطعم ألف رجل بأذن الله سبحانه وتعالى
، وإبراء المرضى وذوي العاهات بإذن الله، إلا أن المعجزات الخارقة للسنن الكونية التي أيدالله
بها أنبيائه لم يبق منها إلا أخبارها ، كما أنها دليل إثبات ارسال النبي من عند الله
سبحانه وتعالى ولكنها ليست منهجا يتبعه
البشر ،
لذا كان القرآن الكريم هو معجزة الاسلام الكبرى القائمة والشاخصة للعيان في
كل زمان ومكان ، لاتنقضي عجائبه وهو يخاطب
العقول والقلوب معا ، فجاء متوافقا مع
تطور الفكر الانساني وملبيا لأحتياجاته
الروحية والمادية ، وهو باق كدستور حياة
، وزادا للمعاد ، و حجة على البشر الى يوم يبعثون ، قال تعالى :( إنا نحن
نزلنا الذكـر وإنا لــــه لحـافـظــون )الحجر/ آية9 .
فالقران
الكريم أزاح حاجز الغيب عن الماضي ، بذكر أخبار الانبياء والامم السالفة التي كانت
مجهولة لايعلمها إلا الله .. قال تعالى ((
تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ماكنت تعلمها أنت ولاقومك من قبل هذا فأصبر إن
العاقبة للمتقين ) هود _ آية49.
وأزال حجب
الغيب عن المستقبل ، وذكر بأن الروم الذين خسروا إحدى معاركهم مع الفرس سينتصرون
عليهم فيما بعد، وحصل ما بشر به القران الكريم
.. قال تعالـــى :( غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في
بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المـؤمنـون ) الروم - آية(2-4).
بالاضافة الى
أن القرآن الكريم بين حقائق الكون الغائبة عن الانسان ، فجاءت الكشوفات العلمية
الحديثة مؤيدة له : حيث كشف علم الفلك بأن النجوم تبعد عن بعضها البعض مسافات
شاسعة تقاس بآلاف السنوات الضوئية ، والتي تعادل ملايين الملايين من الكيلومترات
فقال تعالى : ( فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) الواقعة /
آية75-76... كما بين العلم بأن الكون يتوسع ويتمدد قال تعـالــى :( والسماء
بنيناها بأيد وإنا لموسعون )الذاريات/ آية47 ... واثبت علم الارصاد بأن إرسال
الرياح هو سبب إثارة السحب ونزول المطر ، قال تعالى (( الله الذي يرسل الرياح
فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خـــلاله
.....)) الروم/ آية48... وتوصل الانسان الى اختلاف الضغط الجوي عند الارتفاع عن
سطح الارض بالطيران ، فيقل الاوكسجين فيضيق صدر الانسان قال تعالى :(...ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا
حرجا كأنما يصعد في السماء .... )الانعام/ آية125.. وغيرها من الاسرار العلمية
التي لم تكن معروفة وقت نزول الوحي ...
هذه الحقائق الكونية دفعت الكثير من المكتشفين والعلماء الغربيين الى الايمان بصدق
الاسلام كرسالة سماوية، بل وإعتنقه عدد منهم ، وبهذا غدا القران الكريم إعجاز
متجدد متعاظم الى يوم يبعثون يدعو ذوي العقول النيرة إليه .
إن رجلا أميا
في بيئة عربية قبلية متخلفة علميا عن بقية الشعوب ، يأتي بكتاب سماوي يحوي كل هذه
الحقائق العلمية وغيرها مما لم يستطع الانسان الوصول إليه الا في القرن العشرين ،
له دليل قاطع لكل ذي عقل على أنه وحي إلهي
أعجز أهل الارض قبل أكثر من1400 سنة واذهل علماء العصر الحديث ، بما كشفه
ويكتشفه العلم الحديث مما هو موجود في القران الكريم كتاب السماء الخالد .. إنه الدليل الساطع على
القدرة الالهية المبدعة التي بينت مدى
التوافق بين الدين والعلم فعززت جانبي الحياة الروحية والمادية في الفكر الانساني وأيقظته من سبات الشك والجهل والخرافة ، ونقلته الى
عالم الايمان والنور والحكمة التي لاتبلى ولايخفت ضياؤها على مر الدهور .
نشرت في جريدة فتى العراق – العدد231- بتاريخ18/9/2008م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق