أخلاقنا العربية الاسلامية



بقلم : يسار محمد الدرزي

    إن حياة الامم تكمن في ديمومة تمسكها بمثلها العليا التي ترسم لها غاياتها في الحياة ، فتحفزها لتغيير واقعها أو للثورة على من يناقض قيمها من أبنائها أو أعدائها ... ولكل أمة أخلاق تميزها بعض الشيء عن غيرها فتعطيها طابعا إجتماعيا خاصا بها ، لذا فإن البحث التأريخي لايكون علميا وموضوعيا إلا عندما يتم البحث بتجرد وعدم تحيز خدمة للحقيقة ،  لا إنتصارا لقومية بصياغة تاريخ ملائكي لأبنائها ، ولا بالتجني عليها بإبراز نقائصها فحـسب .
   ولكن  مع الاسف ظهر كتاب أساؤوا الى العرب بعرض الجوانب السلبية فقط من حياتهم وتغافلوا عن الايجابية منها جهلا أو تعمدا ،  فظنوا  أنهم يخدمون الاسلام  بنظرتهم العوراء الى التاريخ العربي قبل الاسلام ، ففتحوا مجالا لأعداء الاسلام من الشعوبيين للطعن في سيرة حملة الرسالة الاوائل من العرب .
     إن الاساءة الى العرب والحط من شأنهم هو نقد وهجوم غير مباشر لتحطيم صورة الاسلام في أذهان غير المسلمين ،  عن طريق التشكيك بفضائل أخلاق حملته من العرب المسلمين ،  يقول مورو بيرجر في كتابه ( العالم العربي ) : ( لقد ثبت تأريخيا أن قوة العرب تعني قوة الاسلام ، فليدمروا العرب ليدمروا بتدميرهم الاسلام .)
  لذا سنعطي  نبذة مختصرة عن حياة العرب الاجتماعية واخلاقهم قبل الاسلام وفي بداياته  ذاكرين  مساويء تلك الحياة وفضائلها على حد سواء .. فمن الناحية الاجتماعية كانت القبائل العربية  تغير إحداها على الاخرى لأتفه الاسباب  بحكم العصبية القبلية التي كانت الملجأ الوحيد  لأي إنسان يريد العيش في الصحراء  .. فعلى سبيل المثال لا الحصر  وقع إقتتال بين قبيلة تغلب وبكر ، عندما قتل رجل من تغلب ناقة لأمرأة تدعى البسوس إستمرت هذه الحرب اربعين سنة وعرفت باسم حرب البسوس .. وقامت حرب ضروس بين قبيلتي عبس وذبيان بسبب سباق بين فرسين اسم احدهما داحس واسم الاخر الغبراء ، إستمرت لسنوات عديدة وعرفت باسم حرب داحس والغبراء . . مما يدل على مستوى الجهل وبساطة الفكر الذي يثار  بالعصبية القبلية .
  أما من الناحية الاخلاقية  ، فالعرب كأي مجتمع على وجه الارض له عادات وتقاليد بالية وحسنة .. فمن عادات الجاهلية وأد البنات ، وهي عادة محدودة الانتشار وليست عامة وإلا لتوقف النسل  وإنقرض العرب ، وتدل هذه العادة على مستوى غيرة العربي على عرضه وخوفه من العار الذي قد يصيبه جراء وقوع ابنته سبية بيد الاخرين .. وكان هناك السلب وقطع الطريق ،  وهي عادة موجودة بسبب سعة الصحراء وعدم وجود حكومة  في شبه الجزيرة .. ومن مساويء الجاهلية ما ذكره سيدنا جعفر بن ابي طالب  للنجاشي ملك الحبشة  حيث قال : ( ايها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الاصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الارحام ، ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ......).
  الحقيقة أن أكثر العادات السيئة عند العرب كانت نتيجة الانفلات الامني ، لعدم وجود حكومة تنظم امور المجتمع وتوجهه وتعاقب المسيئين .. فحياة العربي في الصحراء بدوية تحكمها العادات والتقاليد الاخلاقية وتحميه شجاعته وعصبيته القبلية لبني عشيرته لا السلطة والقوانين كالحضر .. فنفسية العربي حرة قادرة على الاختيار والتسليم بما تعتقده دون خوف من قوة قاهرة خارجية ، وهذا يفسر لنا تعدد أديان العرب في شبه الجزيرة  ايام الجاهلية ، فمنهم من عبد الله وهم الموحدون ومنهم من اعتنق اليهودية  او المسيحية ومنهم من عبد الاجرام السماويـــة ( عبادة الكواكب ) ومنهم من عبد الجن ومنهم من عبد الاشجار مثل نخلة عظيمة عبدها اهل نجران ، ومنهم من عبد الاوثان وهي حجارة غريبة  فإذا رأوا حجارة افضل منها تركوا الحجارة القديمة وعبدو الجديدة ، ومنهم من عبد الاصنام وهي تماثيل تصنع من الحجارة او الفضة او الذهب او النحاس او التمر .
  ولكن اذا كان العرب قبل الاسلام متخلفين عن  بقية الامم بالصناعة والحضارة كالروم والفرس والصين والهند وغيرهم آنذاك ، إلا أنهم كانوا يفضلونهم ، بما عرفوا به من سلامة الطباع وصفاء النفوس وكرم الاخلاق ، فأهل البدو أقرب الى الخير من أهل الحضر كما قال ابن خلدون في مقدمته ص164 معللا ذلك بقوله :( وسببه أن النفس إذا كانت على الفطرة الاولى ، كانت متهيئة لقبول مايرد عليها وينطبع فيها من خير أو شر ،  قال صلى الله عليه وسلم :( كل مولود يولد على الفطرة ، فابواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ) متفق عليه .)
  ففي مناظرة النعمان بن المنذر وكسرى أنو شروان في شأن العرب التي رواها القطامي عن الكلبي ، ذكر كسرى فضائل الامم الاخرى كالروم والصين والهند والترك والخزر في الصناعة والملك ، فرد عليه النعمان بن المنذر قائلا : ( وأما الامم التي ذكرت فأية أمة تقرنها بالعرب إلا فضلتها .
قال كسرى : بماذا ؟
قال النعمان : بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها ، وسخائها وحكمة ألسنتها ، وشدة عقولها وانفتها ووفائها .)
أما عادات العرب واخلاقهم الفاضلة التي عرفوا بها فهي كثيرة منها:
أولا : حفظهم لانسابهم وأحسابهم ، فلا ينسب الشخص لغير أبيه وعشيرته .. حتى كان العرب يأنفون تزويج بناتهم للعجم لاختلاط أنسابهم .
ثانيا : إكرام الضيف وقضاء حاجة الغريب والعطف على المسكين :
   فعندما وقعت سفانة بنت حاتم الطائي في سبايا طي وقدم بها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ( يامحمد ، هلك الوالد وغاب الوافد ، فإن رايت أن تخلي عني فلا تشمت بي أحياء العرب فإني بنت سيد قومي ، كان ابي يفك العاني ، ويحمي الذمار ، ويقري الضيف ويشبع الجائع ، ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ، ولم يرد طالب حاجة قط ، أنا بنت حاتم طيء ) فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم  : ( يا جارية ،  هذه صفة المؤمن حقا ، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه .. خلو عنها فإن أباها كان يحب مكارم الاخلاق ، والله يحب مكارم الاخلاق .).
ثالثا : الحياء وغض البصر  : يقول عنترة العبسي مفتخرا بهذا الخلق :
 وأغض الطرف  إن بدت لي جارتي      حتى يواري جارتي مأواها
إني أمرؤ سمح الخليقة ماجد            لا أتبع النفس اللجوج هواها .
رابعا : الانتصار للمظلوم :  ولتحقيق هذا الخلق كان عند العرب اشرف حلف اخلاقي عبر التاريخ وهو حلف ( الفضول ) : حيث تحالفت قبائل من قريش وتعاهدت على أن لايجدوا في مكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا اقاموا معه ، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته ، فسمت قريش ذلك الحلف ( حلف الفضول) ... ولقد إنضم النبي صلى الله عليه وسلم الى هذا الحلف قبل  نزول الوحي : قال صلى الله عليه وسلم  : ( لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الاسلام لاجبت ، تحالفوا أن ترد الفضول  على أهلها  ، وألا يعز ظالم مظلوما .) رواه في مسند الحارث بن عبد الله بن ابي اسامة التيمي .
خامساً : عدم القتال في الاشهر الحرم : كانت العرب تأمن في هذه الشهور فلا تتقاتل فيما بينها ، حتى كان الرجل يرى قاتل أبيه أو أخيه فلا تمتد إليه يده بسوء .. ولما وقع إقتتال بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان في الاشهر الحرم  ، وأستحلت فيه الحرمات سميت بـ(حرب الفجار) .
سادسا : الرحمة حتى مع الاعداء .
 عندما تعاقدت قريش على صحيفة تقاطع بها بنو هاشم وبنو عبد المطلب ، فلا يباع ولا يبتاع منهم ولا ينكح ولاينكح إليهم وتم عزلهم في شعب أبي طالب حتى يسلموا رسول الله إليهم .
   لم ترض هذه الصحيفة الظالمة أهل الاخلاق والمرؤة من العرب في قريش  ، فكان بعضهم يمدونهم بالطعام سرا ، حيث كان يأتى ببعير محمل بالطعام ليلا ويضرب  على جنبه فيركض حتى يدخل الشعب ليستعين به بنو هاشم ، ولكن قريش تنبهت لهذه الحيلة فاحكمت الحصار ومع مرور الايام ساءت أحوال بنو هاشم حتى أكلوا أوراق الشجر ، فأثارت حالهم البائسة  الرحمة في نفوس نفر من  اشراف قريش ، فأتفقوا على نقض الصحيفة ، فخرج زهير بن أبي أمية  على الناس فقال : ( يا  أهل مكة ، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم  هلكى  لايباع ولا يبتاع منهم ، والله لا اقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة ،) .. فقام المطعم بن عدي  الى الصحيفة ليشقها فوجد الارضة قد أكلتها إلا عبارة ( بأسمك اللهم ).
  هذا يدلنا على أن أي قانون ظالم خال من الرحمة ، لايمكن تنفيذه بشكل محكم صحيح في مجتمع يحمل أخلاقاً رحيمة اصيلة كالاخلاق العربية .
سادسا : الجوار :
  كانت للعرب أعراف منها أن  يجير الرجل الشريف منهم رجلا آخر يكرهونه ، فيحميه من تجاوز الاخرين عليه ، فتحترم العرب جواره فلا تمسه بسوء .
 فعندما إشتد إيذاء قريش لسيدنا أبي بكر الصديق عزم على الهجرة من مكة  بإتجاه الحبشة  ، فلما وصل منطقة باليمن تدعى ( برك الغماد ) لقيه إبن الدغنة سيد قبيلة القارة ، وعلم منه ما فعلت قريش به ، فأجار ابا بكر وأوصله الى مكة وقال لأشراف قريش : ( ابو بكر لا يخرج مثله ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمي الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ) .. فرضيت قريش جوار إبن الدغنة وتركت إيذاء سيدنا ابو بكر على أن يعبد ربه في داره .
 نلاحظ أن أخلاق سيدنا ابو بكر الصديق الفاضلة كانت محل تقدير العرب من غير المسلمين  وماذاك إلا لمكانة هذه الفضائل في نفوسهم بحيث شفعت حتى لمن خالفهم في الدين .
  لقد أعجب كبار المفكرين الغربيين بدماثة أخلاق العرب وقوة إرادتهم وكرمهم حتى مع عدوهم إن قصدهم من غير غدر ، حيث يقول توماس كارليل في كتابه ( الابطال )  ص60 :(( والحق أقول لقد كان أولئك العرب قوما أقوياء النفوس كأن أخلاقهم سيول دافقة ، لها من شدة حزمهم وقوة إرادتهم أحصن سور وأمنع حاجز ، وهذا وأبيكم  أم الفضائل وذروة الشرف الباذخ ،  وقد كان أحدهم يضيفه ألد أعدائه ، فيكرم مثواه وينحر له ، فإذا أزمع الرحيل  خلع عليه وحمله وشيعه ، ثم هو بعد كل  ذلك لايحجم أن يقاتله متى عادت به إليه الفرص ، وكان العربي أغلب وقته صامتا فإذا قال أفصح ...))
 ولعل فضائل الاخلاق العربية ، وصفاء نفوس أصحابها ، وقوة إرادتهم جعلتهم مؤهلين لحمل رسالة السماء الى البشرية جمعاء .. فإختارهم الله على علم وهو العليم الخبير ... يقول الشيخ ابو الحسن الندوي وكيل ندوة العلماء بالهند في كتابه ( العرب والاسلام ) ص3_ص4 :(( إختار الله العرب للأسلام ، لخصائص طبيعية ومزايا خلقية ينفردون بها ، وقد قال عن بني إسرائيل أولا: ( ولقد إخترناهم على علم على العالمين ) الدخان/32 .. وقال عن النبي العربي صلى الله عليه وسلم آخراً : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) الانعام/124 .. وقد بحث في هذه الخصائص الباحثون ، وكتب في موضوعها المؤلفون ، وقد أثبت العرب الاولون حكمة هذا الاختيار بفهمهم العميق لطبيعة الاسلام ، وإساغتهم الكاملة لتعاليمه ، وتجردهم النادر عن كل ما ينافيها ، وحماستهم المنقطعة النظير في نشر الاسلام ...))
  وعندما جاء الاسلام أقر ما عند العرب من فضائل أخلاقية ، ونماها ، وأضاف إليها فضائل جديدة ، وجعل غاية العمل بها رضاء الله وثواب الاخرة ، بل جعل التفاخر والرياء  أمام الناس والمنة  في عمل الصالحات من محبطات الاجر والثواب في الاخرة . ، وحولها من فضائل قومية عربية الى فضائل عالمية اسلامية تهتدي بها جميع الامم في حياتها الدنيا ... وحارب الاسلام رذائل الاخلاق عند العرب .. بهذا حدد الاسلام بكتاب الله وسنة رسوله مفاهيم الاخلاق الحسنة والسيئة وحولها من دوافعها الفردية والاجتماعية الى دوافع تعبدية ،  بهذا أصبح المسلم يحب ما يحبه الله ورسوله  ويكره ما يكرهه الله ورسوله . وألغى العصبية القبلية والقومية وأحل محلها الاخوة الاسلامية  وجعل ميزان التفاضل بين البشر هو العمل الصالح الذي يراد به وجه الله سبحانه وتعالى . قال تعالى :( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم  ) الحجرات/13..
 إذن غاية الفضائل الاخلاقية الاسلامية  هو إرضاء الله سبحانه وتعالى ، وإعتبار النبي صلى الله عليه وسلم قدوة لجميع البشرفي سيرته وأخلاقه العظيمة ، كما يعتبر المسلم أسماء الله الحسنى هي قمة الفضائل التي يسعى لها ، يقول الاستاذ عباس محمود العقاد في كتابه ( حقائق الاسلام واباطيل خصومه ) ص379 .:(( الاخلاق التي يهتدي اليها المسلم بهدي الاسماء الحسنى  كثيرة  وافية بخير ما يتحراه الانسان في مراتب الكمال المطلوبة ، لكمالها مع عموم نفعها في حياة الفرد والجماعة ،  ومنها العزة والقدرة والمتانة والكرم والاحسان والرحمة والود والصبر والعفو والعدل والصدق  والحكمة والرشد والحفاظ والحلم واللطف والولاء والسلام والجمال ، وكلها منشود لانه كمال لايقاس إلا بمقياس الكمال .))   لذا نلاحظ أن الاخلاق الاسلامية تجعل من الدين هو المقياس لصلاح المجتمع وليس العكس . فلاتنحرف مفاهيم الاخلاق الاسلامية عندما يفسد المجتمع فتضطرب نظرته الى مصلحته بين النافع والضار .
    وهي أخلاق تقوي المجتمع بأن تحث الناس على مقارعة الظلم والعدوان والرحمة بالضعيف العاجز فيكون المجتمع متكافلا سعيداً ، والاسلام عندما حارب الظلم فأنه اراد للمجتمع أن يكون قويا ً لايستسلم لعبث العابثين .. وهي اخلاق معتدلة بلا تفريط ولا إفراط ، وهي أخلاق متسامحة حكيمة بناءة أثبتت التجارب التاريخية لاجدادنا اثرها في بناء أعظم حضارة عرفتها البشرية  ، ضمت مجتمعاً متعدد القوميات والاديان، وضع معالم هذه الاخلاق خالق الكون والسماوات لذا فلا عجب ان يكون لها هذا التاثير العظيم في النفوس والعقول الواعية .
   إن الاخلاق جزء من رسالة الاسلام العالمية ، قال صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ) رواه إبن سعد والبخاري .. هذا يعني وجود فضائل اخلاق جاء ليتممها وينميها ويضيف اليها .، فالله سبحانه وتعالى ربى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم :( أدبني ربي فأحسن تأديبي ) ليجعله قدوة لبني البشر ، حتى أثنى عليه سبحانه وتعالى بقوله :( وإنك لعلى خلق عظيم )  فكان القران الكريم هو الدستور الاخلاقي للمسلمين ، سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلقه صلى الله عليه وسلم ، قالت :( كان خلقه القران )... ومن هنا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم فربى العرب على أخلاق القران ليكونوا قدوة حسنة لبقية البشر ، ومن ثم نجح العرب المسلمون في أن يحملوا أمانة هذا الدين الى بقية الامم وأن يربوها على تعاليم الاسلام وأخلاقه السمحة الكريمة . فدخل الكثير من أصحاب الديانات السماوية والوثنية في الاسلام  عن طريق إعجابهم ومحبتهم بأخلاق العرب المسلمين السمحة وعدلهم بين الناس ... يقول  المفكر الفرنسي الكبيرالدكتور جوستاف لوبون في كتابه ( حضارة العرب ) :( والحق أن الامم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب .)
   بل لسلامة طباع العرب إعتمد التشريع الاسلامي حتى على ما إستطابته العرب من اللحوم .. جاء في متن الغاية والتقريب على المذهب الشافعي لمؤلفه أبي شجاع ما نصه :( وكل حيوان إستطابته العرب فهو حلال إلا ماورد الشرع بتحريمه ).
  إن النفس الانسانية لايمكن تغييرها بتغيير مفاهيمها العقائدية من الشرك الى التوحيد وبفرض العبادات عليها وتحديد العقوبات الشرعية ( القانون الاسلامي ) فحسب ، بل لابد من تغيير سلوكياتها بشكل محدد لا لبس فيه ، وهذا يتطلب دستوراً أخلاقيا  ، يكون مقياسا لصدق الاعتقاد والعبادة والحكم وهذا ما فعله الاسلام .
 وخلاصة القول :
    إن الاخلاق الاسلامية  ، هي النظام السلوكي الذي إرتضاه الله للبشر ، فتمسك الانسان بها  إمتثالاً  لأمره  سبحانه وتعالى ، يمنح الانسان قوة ذاتية فكرياً ونفسياً ، وثقة بالنفس قد تزداد بموافقة الناس له ، ولكنها لاتتزعزع بسخط الناس عليه ، لأن أساس الحق هو شرع الله لا أهواء البشر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق